البرازيل في مفترق طرق
القلب النابض لعالم القهوة
البرازيل لا تُنتج البن فقط، بل تُملي إيقاعه على العالم. فهي تُعد اللاعب الأكبر في السوق العالمي، وتشكل مصدرًا يعيد تشكيل معادلات السوق عامًا بعد عام. لكن كما هو حال الأسواق الكبرى، فإن التغيرات الجيوسياسية والمناخية تترك آثارًا عميقة، لا تقتصر على التربة والثمار، بل تمتد إلى سلاسل التوريد وهامش الربح وأنماط التحميص.
قرارات جمركية تُربك التوازن العالمي
في يوليو 2025، أعلنت الولايات المتحدة نيتها فرض ضريبة جمركية بنسبة 50٪ على المنتجات البرازيلية، وفي مقدمتها البن الأخضر. جاء القرار على خلفية توترات سياسية متصاعدة، وأدى مباشرة إلى تقلبات حادة في أسعار صرف الريال البرازيلي مقابل الدولار، وارتفاع تكلفة الاستيراد نحو السوق الأمركي، وانخفاض مؤقت في الطلب الأمركي على البن البرازيلي. ورغم أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ بعد، إلا أن الإعلان عنه وحده تسبب في حالة من القلق والترقب في الأسواق العالمية.
ما الذي يحدث الآن في البرازيل؟
رغم أن الحصاد تجاوز 84٪ من إجمالي الإنتاج بحسب بيانات "سافراس وميركادو"، إلا أن الواقع يُظهر تراجع كميات القهوة المستلمة من التعاونيات، وانخفاض حركة التداول في السوق المحلي.
السبب لا يعود فقط لعوامل لوجستية، بل إلى ظروف مناخية قاسية، مثل البَرَد الذي ضرب مناطق من "ميناس جيرايس"، ما تسبب في أضرار متفاوتة بالمحاصيل.
ومن المفارقات المحلية، رغم التقدم الكبير في الحصاد، ظلت حركة البيع أقل من المعتاد. فبعض التعاونيات أبلغت عن انخفاض ملحوظ في الكميات الواردة، ما يسلّط الضوء على التحديات بين وفرة الإنتاج من جهة، وضعف التداول والتخزين من جهة أخرى.
ما الذي يعنيه هذا لأسواق الخليج؟
ارتفاع محتمل في تكلفة البن البرازيلي للمشترين الأمركيين.
انخفاض مؤقت في الطلب الأمركي قد يخلق وفرة في السوق البرازيلي، يمكن الاستفادة منها محليًا.
فرص إعادة ترتيب العقود طويلة الأجل لصالح محامص تبحث عن استقرار وجودة.
لا تكمن القيمة في الأرقام وحدها، بل في ربط المعطيات بسلوك المستهلك واتجاهات السوق، فالسوق اليوم ليس مجرد بورصة، بل قصة تتشكل كل يوم.