فقد جاء أغسطس مليئًا بالحركة، حيث شهدت أسعار القهوة صعودًا حادًا في كل من الأرابيكا والروبوستا. الأرابيكا تحديدًا سجّلت ارتفاعًا جديدًا يلفت الانتباه، لتؤكد أن الضغوط على جانب العرض لا تزال حاضرة بقوة. أما الروبوستا، فقد قفزت في بورصة لندن بنسبة لافتة تجاوزت كل التوقعات، وهو ما يعكس حجم التوترات التي يعيشها السوق العالمي للقهوة. هذه القفزات لا تعكس فقط واقع الأرقام، بل تكشف عن طبيعة السوق المزدوجة: ضغوط في الإنتاج من جهة، واستمرار في الطلب من جهة أخرى، لتبقى التقلبات سيدة الموقف. 

الإجراءات الجمركية الأميركية الأخيرة زادت المشهد تعقيدًا، إذ دفعت بعض الشركات إلى تأجيل قرارات الشراء، بينما لجأت أخرى إلى تمديد العقود أو إعادة توجيه مراكزها إلى أسواق بديلة. وبرؤيتنا كمستورد للبن الأخضر، فإن مثل هذه التحولات تفتح مجالًا واسعًا لاستراتيجيات شراء أكثر مرونة، تسمح لنا بتأمين القهوة عالية الجودة في لحظات تراجع الطلب الأميركي، ما يمنح عملاءنا أفضلية في السعر والتوقيت. وفي قلب هذه المعادلة تقف البرازيل، اللاعب الأكبر في إنتاج البن عالميًا. فقد خفّضت المراكز البحثية والاستشارية توقعاتها لإنتاج الأرابيكا لموسم 2025/26، لتشير إلى تراجع ملحوظ مقارنة بالموسم السابق.

ورغم أن محصول الكونيلون تجاوز 25 مليون كيس محققًا نتائج ممتازة، فإنه لم يكن كافيًا لتعويض تراجع الأرابيكا، لينخفض بذلك إجمالي إنتاج البرازيل إلى نحو 63 مليون كيس، أي أقل بنسبة 3% مقارنة بالموسم الماضي. هذا الانخفاض لا يعني مجرد أرقام أقل، بل يشير إلى زيادة الضغط على توفر الأرابيكا عالية الجودة التي تُعد أساس صناعة القهوة المتخصصة حول العالم.

لقد كان للمناخ أثره الواضح في هذا التراجع، فموجة الحر التي ضربت البلاد بين فبراير ومارس، إضافة إلى قلة الأمطار في النصف الثاني من الموسم، انعكست مباشرة على الإنتاجية وأضعفت المردود. ومع استمرار وتيرة التصدير من محصول 2024/25 عند مستويات مرتفعة، بقيت المخزونات النهائية محدودة، وهو ما يفتح الباب أمام تقلبات أعنف في الأسعار خلال الفترة المقبلة.

لكن وسط هذه التحديات، برز جانب إيجابي في السوق المحلية البرازيلية. ارتفاع الأسعار ساهم في زيادة السيولة التجارية، وشهدت مختلف المناطق نشاطًا أكبر في التداول، كما عاد الزخم إلى سوق FOB لتغطية احتياجات شهري سبتمبر وأكتوبر. ونحن نرى في هذا النشاط فرصة استراتيجية، إذ دفعت الأسعار المرتفعة المنتجين إلى البيع، بينما كثّف التجار المحليون صفقاتهم، ما يمنح المستوردين نافذة زمنية ثمينة لتأمين البن الأخضر بالجملة قبل أن تتقلص الخيارات أكثر مع محدودية المخزون.

أما على صعيد الطقس، فقد جاءت الأيام الأخيرة بأنباء مشجعة. شهدت مناطق الإنتاج الرئيسية في ساو باولو وريو دي جانيرو وميناس جيرايس هطول أمطار جيدة، مع توقعات باستمرارها خلال سبتمبر، بل واحتمال العواصف والأمطار الغزيرة. هذه التطورات من شأنها تعزيز رطوبة التربة ودعم نمو الأشجار في مرحلة ما قبل الإزهار، وهي المرحلة المفصلية التي تحدد الملامح الأولى لمحصول 2026/27. وإذا استمرت هذه الظروف الإيجابية، فقد تحمل لنا المواسم المقبلة توازنًا أفضل بين العرض والطلب.

في المحصلة، يمكن القول أن سوق القهوة العالمي يدخل سبتمبر محملًا بمزيج من التحديات والفرص. المخزونات المنخفضة والإنتاج البرازيلي المنكمش يرفعان منسوب المخاطر، بينما تمنح الأمطار الأخيرة بصيص أمل لموسم أكثر استقرارًا في المستقبل. وبينما يتأرجح العالم بين موجات الصعود الحاد والتقلبات المستمرة، نحن نضع عملاءنا في صميم استراتيجيتنا، نقرأ المؤشرات مبكرًا ونحوّلها إلى قيمة ملموسة. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يبدو أن هذا هو الوقت الأمثل لتأمين البن الأخضر عالي الجودة، ليس فقط لضمان التوريد، بل لحماية استقرار التكاليف والاستعداد لمواسم قد تحمل الكثير من المفاجآت.

وفي ظل هذا المشهد، تبرز الحاجة إلى شريك موثوق يقرأ تفاصيل السوق بعمق ويترجمها إلى قرارات عملية تخدم استقرار أعمالكم. نحن في شركة حبوب القهوة المحدودة نضع عملاءنا في قلب أولوياتنا، ونحرص على توفير البن الأخضر بالجملة من أفضل المصادر العالمية، مع متابعة دقيقة لحركة الأسعار وجودة المحاصيل. رؤيتنا لا تقتصر على تأمين القهوة اليوم، بل على بناء شراكة طويلة الأمد تمنح محامصكم ومشاريعكم ثقة ومرونة في مواجهة تقلبات السوق العالمي.